المياه المباركة تُطهّر النفس من الخطيئة
وتُبعد الشياطين
(نقلًا عن موقع أليتيا Aleteia)
لطالما تم ربط الماء باللّه في التقليد الإنجيلي. فهي عنصر مطهر يعطي الحياة للطبيعة والإنسان. ووقع اللّه تحالفه الأول مع الشعب المختار من خلال هذا العنصر أي من خلال فصل البحر الأحمر الى قسمَين ومحددًا العماد المسيحي: من الواجب المرور بالماء المطهرة للوصول الى السماء. يؤكد المسيحي، بعد تثبيته بالماء، ايمانه باللّه الآب والابن والروح القدس ويطلب منه بركته باسم الأقانيم الثلاث. إنها أيضًا حماية سماوية لأنها تُبعد الشياطين ولذلك فهي موجودة عند مدخل جميع الكنائس الكاثوليكية.
ويعطي التصوف اليهودي (الذي تستلهم منه تعاليم الكنيسة والآباء الشرقيين والقديسين) معنى سماوي لكل حرف من الأبجدية العبرية. فقد خلق اللّه العالم من خلال الكلمة فصيغت هذه الكلمة بالعبرية في كتاب الوحي: الإنجيل. ويشير هذا التقليد الى ان اسم موسى يبدأ بحرف "الميم" تمامًا مثل كلمة "ماء".
ويعتبر ذلك علامة على ان هذا النبي الجليل يتمتع بنقاوة روح لدرجة ان روحه كانت موجودة في الماء أكثر (في عنصر نقي حيث كل شيء موّجه نحو اللّه) من الأرض (حيث المتعة فقط تلعب دورًا). وقد يفسر ذلك المشهد الإنجيلي حيث لم يفهم موسى ثورة الشعب العبري في الصحراء الذي كان يشتكي من عدم توافر الطعام.
لقد تعمد يسوع في نهر الأردن ومشى على المياه وأعلن أنه منبع الحياة. وقال يسوع: "ولكن من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا فلن يعطش إلى الأبد، بل الماء الذي أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية». (يوحنا ١٤:٤).
ولطالما شكلت المياه جزءًا لا يتجزأ من طقوس الليتورجيا الإنجيلية. فيستفيد، سنويًا، آباء كاثوليك وارثوذكس، من اعياد الفصح والميلاد لمباركة الماء. وتتوجه النسوة اليهود الممارسات شهريًا الى حمام طقسي، أي نوع من الحمام الديني، من أجل تنقية أجسادهن من أسبوع المعاد والتمكن مجددًا من إقامة علاقة مع أزواجهن. كما وتتوجه نسوة اليهود الى الحمام الطقسي بعد ٤٠ يومًا على إنجاب طفل وهذا هو الحدث الذي يشير إليه السر الرابع من أسرار الفرح: تقدمة يسوع الى الهيكل وتنقية العذراء.
تُعتبر المياه المباركة، في الكنيسة الكاثوليكية، مقدسة تمامًا كالصليب والأيقونات والمسبحة الوردية والرماد وأغصان الزيتون في الشعانين. تُستخدم للعماد ومباركة الأشخاص والأشياء والأماكن والحماية من الشياطين. ويفسر الأب غابريل أمورث، رئيس المقسمين السابق في أبرشية روما في كتابه بعنوان: اعترافات وذكريات المقسم الرسمي للفاتيكان ان المياه المباركة قوية لدرجة انه ان وضعنا، خفيةً، بعض النقاط على ثياب أو طعام شخص ممسوس، تكون ردة فعل الأخير فورية لعدم تمكنه من احتمال أي تواصل معها. وبما أن عدد كبير من المسيحيين يملكون الماء المقدس، تنصحهم الكنيسة بإفادة النفوس المطهرية منها. فباستطاعتهم أن يطلبوا عبرها من اللّه ان يُعيد احياء النفوس المقدسة التي لم تصل بعد الى السماء. وفي الواقع، يُعلِم عدد كبير من النصوص التي تعترف بها الكنيسة ان للمطهر مستويات عديدة وان النفوس تنتهي بالتكفير عن خطاياها بالنار في عدد كبير منها.
خرافة أو تكريس ديني؟ يقول سفر الخروج: "وتصنع مرحضة من نحاس، وقاعدتها من نحاس، للاغتسال. وتجعلها بين خيمة الاجتماع والمذبح، وتجعل فيها ماء” (سفر الخروج ٣٠، ١٨) ومن ثم سفر العدد: "ويأخذ الكاهن ماء مقدسا في اناء خزف يأخذ الكاهن من الغبار الذي في ارض المسكن ويجعل في الماء". (سفر العدد ٥، ١٧). وننهي بكلمات ربنا يسوع المسيح العذبة: "الحق الحق أقول لك: إن كان أحد لا يولد من جديد بالماء والروح لا يقدر أن يرى ملكوت الله" (يوحنا ٣:٣).