حبُّ الأعجوبة
أم
أعجوبة الحبّ
الأب د. شحادة عبود
يعتقدُ الإنسان المؤمن بأنّ الله يجترح الأعجوبة كفعل فوق الطبيعة، بأنّه فقط يمكنه أن يفعل ذلك. فكما أنّ الإيمان له قوّة على تغيير الحياة كذلك الأعجوبة تغيّر حياة الإنسان.
إنّ هذا التدخّل الإلهيّ في حياة الإنسان يولّد العديد من الأسئلة في عقل الإنسان وفي قلبه: هل يشفيني الله؟ لماذا يشفيني؟ هل لدى الله مخطط من جرّاء هذا التدخّل؟ هل أستطيع أنْ أعيش هذا التدخّل في حياتي؟ لماذا يشفي الله الواحد ويترك الآخر؟
يعتبر العبرانيّون أنّ الله أخرجهم من أرض مِصر، بأعجوبة رشم الدم على الأبواب واجتياز المياه. ولكنَّ السؤال: لماذا الله لم يجترح الأعجوبة للمصريّين كما فعلها للعبرانيّين؟ وهل شهر نيسان هو شهر العجائب كما يعتقد العبرانيون؟ ألا يستطيع لله أنْ يتمّم الأعجوبة خارج شهر نيسان؟ أليس لهذا السبب عندما يحتفل العبرانيّون بعيد الفصح، يضعون بعض النقط من الخمر والماء في صحونهم، قبل الشروع بالطعام؟
أمام فعل الأعجوبة يمكننا أنْ نتساءل: هل إنّ التدخّل الإلهيّ هو نتيجة مبدأ السببيّة والعلّة؟ فهل التدخّل الإلهيّ هو احتماليّ أم أنّ له تدبيرًا آخر؟ فإنْ كان ذلك لكان لعب الورق أعجوبة!
هل تغيّر الأعجوبة قدر الإنسان إنْ كان هناك قدر، كما تحدّده الآلهة كما عند الرومان؟ وهل يجب أنْ يكون هناك وسيط بين الله والإنسان ككاهن إله ميترا الذي يبدّل القدر الإنسانيّ؟
أيمكن تغيير القدر بواسطة الأعجوبة بحسب إيمان التاو (مدرسة فلسفيّة في الصين تحوّلت إلى الديانة التاويّة)، كما يُحمل الطائر في الهواء وكما تُحمل السمكة في الماء؟ أليس اعتقادهم بأنّ الولادة هي التي تحدّد قدر الإنسان، أم أنّ تحليل خريطة الحياة لديهم يساعد على تجنّب الكارثة الإنسانيّة وتبديل طريق الإنسان؟ وهل للآلهة دخل في ذلك؟
هل إنّ الأعجوبة هي هروب من الموت كما يفكّر بوذا؟ أليس ما فعله بوذا تحت شجرة التين هو التأمّل، ليضع حدًّا للألم في الحياة، بواسطة التركيز والتمارين العقليّة؟ أليست الاستنارة التي توصّل إليها بوذا بواسطة التأمّل هي أعجوبة؟ أليس محبّة الناس والكون هي أعجوبة؟
الأعجوبة الكبرى هي أنّ الله حاضر في العالم ويعمل فيه ليقود الإنسان ويحميه، والأعجوبة العظمى هي أنَّ الله قادر على أن يصغي إلى المليارات من الناس في آن واحد لو تحدّثوا إليه. أليس الحبّ هو أعجوبة الأعاجيب؟