عدد الزيارات : 2162
غبطة السيّد البطريرك يوسف العبسيّ الكلّي الطوبى > عظات صاحب الغبطة الكليّ الطوبى 3 كانون ثاني 2017


رأس السنة وعيد القدّيس يوسف ويوم السلام العالمي

عظة صاحب السيادة المطران جوزيف العبسيّ

في كنيسة القدّيس يوسف

٢٠١٧/١/١

المطران جوزيف العبسيّ

مقدّمة

نحتفل اليوم بثلاث مناسبات: رأس السنة وختانة يسوع ويوم السلام العالميّ. أرغب، في مطلع هذا العام، أن نقرأ معًا هذه المناسبات على ضوء الميلاد لكي نرى البعد الذي ترتديه عندئذ كلّ واحدة منها.

١- رأس السنة

نحتفل برأس السنة، أعني بانتهاء سنة وابتداء سنة. وعندما نتكلّم عن نهاية وبداية، نتكلّم عن التكرار والإعادة. والتكرار دوران حول الذات، حول النقطة عينها، وهو نوع من القصاص للإنسان بأن يكون مسجونًا في دائرة لا يستطيع الخروج منها، تسبّب له الضجر واليأس وفي النهاية الاضمحلال (الميثولوجيا اليونانيّة).

المطران جوزيف عيد رأس السنة عيد الرعية عيد القديس يوسف الطبالةويأتي ميلاد يسوع المسيح ليكسر طوق الضجر وحلقة اليأس ودائرة الموت، ويخرجنا من التكرار، منبئًا بانقضاء الزمن وتلاشيه وتحوّله إلى اللازمن. هذا ما نستنتجه من رسالة بولس إلى أهل الغلاطية إذ يقول لهم: "لمّا بلغ ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودًا من امرأة" (غلا ٤: ٤). أي قد انتهى، بميلاد المسيح، عهد الزمن، وابتدأ عهد الخلود، عهد القيامة، عهد النهار الذي لا مساء له. وهذا ما قد شعرت به العذراء، بفم الشاعر الكنسيّ، حين قالت: "إنّي ولدت في زمن ابنًا غير مولود في زمن"، أي إنّ الله الغير ا لمحدود بزمن قد دخل في الزمن لكي يحوّله إلى لازمن.

ثمّ إنّ الزمن هو مقياس لأعمال الإنسان، به يحدّد الإنسان أعماله ويدرج حياته. أمّا بالميلاد فقد أضحى المسيح هو مقياس حياتنا، أضحى هو بدل الزمن. فأنا ما عدت بعد الميلاد أصنّف أعمالي قياسًا على أمور زمنيّة، بل قياسًا على المسيح.

 ٢- الختانة

يتابع بولس كلامه عن الميلاد قائلاً: " لمّا بلغ ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودًا ... تحت الناموس ليفتدي الذين تحت الناموس".

إنّ الناموس، أو الشريعة، هو في الواقع حصيلة الزمن المغلق الآسِر والمجزِّىء للإنسان الذي لا يعود فيه وحدة داخليّة ولا يعود يميّز الخير من الشرّ. "قبل أن يأتي الإيمان كنّا محفوظين تحت الناموس مغلقًا علينا... الناموس كان مؤدّبنا" (غلا ٣: ٢٣-٢٤). فهذان الإغلاق والتأديب هما حصيلة الزمن المحدود الذي لا يطلّ على شيء إلاّ على ذاته، والذي ليس له نافذة إلى اللازمن، إلى المسيح. لذا يقول بولس" "لمّا بلغ ملء الزمان..." أي لمّا لم يعد لهذا الزمان من مبرّر للوجود، ولد المسيح الأزليّ الذي ليس له انقضاء.

إنّ المسيح، بختانته وممارسته بعض أعمال الشريعة، قد عمل آخر عمل ناموسيّ وأعلن بذلك انقضاء الناموس، أنهى الشريعة وأبدلها بشخصه هو. فكما أنّه لاحقًا قضى على الموت بالموت، كذلك قضى على الشريعة بممارسة الشريعة لآخر مرّة، فما عاد من ضرورة لأحد من بعده أن يمارس الشريعة الموسويّة، فقد أدخلنا في العهد الجديد، عهد الخلاص. إنّ المولود الذي يتقبّل الختانة هو الشريعة الجديدة.

٣- السلام

ويتابع بولس كلامه عن الميلاد مختتمًا: "لننال التبنّي. فلست أنتَ بعد عبدًا بل أنت ابن". إنّ الحروب وما إليها تنجم عن التناقضات الموجودة في العالم. وأهمّ هذه التناقضات كون الناس بعضهم عبيد وبعضهم أسياد بشكل من الأشكال.

بالميلاد زالت التناقضات (راجع أشعيا). إذ قد أصبح الله أبًا للإنسان والإنسان ابنًا لله. وزالت أسباب الخلاف وحلّ السلام: "المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام". وقد أصدى بولس لهذه الحقيقة الجديدة بقوله "ليس يونانيّ ولا يهوديّ، ليس عبد ولا حرّ، ليس ذكر ولا أنثى، بل الجميع واحد في المسيح". إنّ المسيح هو سلامنا، هو الذي جعل من الاثنين واحدًا وأسقط الحائط الفاصل مزيلاً التناقضات.

مع المسيح حلّت في العالم حضارة جديدة هي حضارة السلام، والميلاد هو دعوة للجميع لكي يبنوا هذه الحضارة ويتربّوا عليها. ونرى الكنيسة في الليترجيّا الإلهيّة لا تني تصلّي من أجل السلام من البداية إلى النهاية.

خاتمة

لنضع هذا اليوم وهذه المناسبة في إطار الميلاد لكي نعطيها بعدها أو أبعادها الحقيقيّة. هذه هي رسالتنا نحن المسيحيّين، أن نحوّل معاني الأشياء، أو بالحريّ أن نعيد المعنى للأشياء التي فقدت معناها أو تحوّرت عن معناها الأصليّ.

كلّ عام وأنتم بخير.

 

 

 

 

  

تابع أيضاً

رح نرجع نعمرها

صاحب الغبطة وصاحب السيادة يحتفلان بالقداس الإلهي في كنيسة القدّيس ....

10 تشرين ثاني 2020
عيد القدّيسة صوفيا وبناتها إيمان ورجاء ومحبّة

صاحب الغبطة يحتفل بعيد القدّيسة ....

17 أيلول 2020
عيد الصليب المقدّس

صاحب الغبطة يحتفل بعيد الصليب المقدّس في بلدة معلولا - ريف ....

14 أيلول 2020
ميلاد السيّدة العذراء

صاحب الغبطة يحتفل بعيد ميلاد السيّدة العذراء في كاتدرائيّة ....

8 أيلول 2020
عيد رُقاد وانتقال السيّدة العذراء

صاحب الغبطة وصاحب السيادة والكهنة يحتفلون بعيد ....

15 آب 2020
نداء

صاحب الغبطة يوجّه نداء عالمي لدعم أهل بيروت عقب تفجير مرفأ بيروت

12 آب 2020
يوم افتقاد

صاحب الغبطة يتفقّد المتضرّرين من جراء كارثة مرفأ بيروت

8 آب 2020
عيد التجلّي

صاحب الغبطة وصاحب السيادة يحتفلان بقدّاس عيد تجلّي الرب في كاتدرائيّة ....

6 آب 2020
يا والدة الإله الفائقة القداسة خلصينا

صاحب الغبطة وصاحب السيادة يحتفلان بالقدّاس ....

2 آب 2020


تابعونا على مواقع التواصل الأجتماعي

© 2024 -بطريركية الروم الملكيين الكاثوليك