"حرب الجبناء"
نداء غبطة البطريرك غريغوريوس الثَّالث
على إثر سقوط القذائف القتالة على الأحياء السكنيَّة
الربوة في ١٧/١١/٢٠١٣
أتابع حيثما كنت في دمشق أو لبنان أو خارج البلاد باهتمام كبير، وبواسطة أمناء السرّ حولي، وعن طريق التواصل الاجتماعي، الأحداث الدمويَّة المؤلمة القتالة التي يتعرَّض لها مواطنونا عمومًا، ولاسيَّما أبناؤنا المسيحيّون، ولاسيَّما في دمشق. حيث تتساقط القذائف القتالة على الكنائس والبطريركيات والمطرانيات والبيوت والممتلكات والسيارات والمؤسَّسات الخيريَّة وبيوت العبادة عمومًا... ويقع ضحيَّتها بدون تمييز شيوخ وعجزة ونساء ورجال وشباب وشابات وأطفال، وطلاب وطالبات مدارس وجامعيون وجامعيات...
ومن هؤلاء الضحايا الأطفال الأربعة الذين سقطوا يوم الإثنين ١١/١١/٢٠١٣، والذين سقطوا اليوم الأحد ١٧ تشرين الثاني الجاري، وهم عشرة شهداء وأكثر من ٤٠ جريحًا.
بالأسف لم نسمع شجبًا عالميًا لهذه الأعمال الجبانة الإجراميّة إلاّ من قداسة البابا فرنسيس، الذي ندَّد بها بقوّة وعنفوان وشرف، مدافعًا بنوع خاص عن كرامة الإنسان الضعيف، ولاسيَّما الطلاب الأبرياء في مدارسهم، أو الحافلات التي تنقلهم من بيوتهم إلى المدرسة وتعود بهم إلى بيوتهم. وهذا ما قاله قداسة البابا: "إنَّ هذه المأساة يجب أن لا تتكرَّر".
إنّ هذه الأعمال الإجراميّة تهدِّد بنوع خاص المسيرة التعليميّة لأطفالنا وأجيالنا... ولذا فإنّنا نستصرخ الضمير العالمي الغربي والعربي، لكي يرفعوا الصوت عاليًا ضد هذه الحرب الجبانة، حرب الجبناء ضد الأبرياء العزَّل.
لم نَرِد أن نؤكِّد أنَّ الأحياء المسيحيَّة مستهدفة... ولكنَّنا قمنا بمسح للقذائف التي سقطت وتسقط بنوع خاص منذ آب الماضي وحتى اليوم، وبتواتر شبه يومي وبأعداد كبيرة. وقد حرصنا أن نسجِّل يوميّاتنا الخاصَّة بالقذائف التي تقع يوميًا، لاسيَّما على الأحياء التي فيها رعايانا وكنائسنا ومؤسَّساتنا. فوصلنا إلى القناعة أنَّ هذه الحرب الجبانة تستهدفنا وتريد أن تلقي الرعب بين أبنائنا ليكونوا فريسة الخوف والإحباط ويهاجروا! كما أنَّ هذه الحرب الجبانة كما قلنا أعلاه تعنِّف الأطفال والطلاب عمومًا، وتهدِّد المسيرة الطلابيَّة بنوع خاص.
ولهذا نرفع الصوت عاليًا، ونتوجَّه إلى قداسة البابا فرنسيس، وإلى المجالس الأسقفيَّة المسيحيَّة أجمع، وإلى رؤساء الكنائس المسيحيَّة، لكي يشجبوا هذه الحرب الجبانة القتالة. ولا أدري هل تسمع الدول الغربيَّة هذا النداء! أو أنَّها فقدت الشعور الإنساني!
إنَّنا ننبذ وندين كلّ أنواع القتل. ونترحم على كلّ الضحايا الذين يسقطون في ساحات الحرب في جميع مناطق سورية. فكلّهم أبناء الله.
ولكنَّنا لا يمكننا أن نبقى صامتين أمام هذه الحرب الجبانة. ونناشد العالم أن يرفعوا صوتهم أمام هذه الأعمال الجبانة. فالحرب في ساحات القتال وليس في ساحات المدارس والكنائس وعلى المناطق السكنيَّة الآمنة.
نأمل أن يسمع العالم صوتنا وصلاتنا واستنجادنا لأجل إنقاذ حياة مواطنينا الآمنين، ولاسيَّما طلابنا وأطفال مدارسنا. ولنطلب إلى إله السلام أن يمنح بلادنا ومواطنينا جميعهم السلام.
مع محبَّتي وبَرَكَتي
+ غريغوريوس الثَّالث
بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والإسكندريَّة وأورشليم
للرُّوم الملكيّين الكاثوليك