هذه أمّكَ
تأمّل في مريم العذراء
مجموعة المطران جوزيف العبسيّ (٣)
٢٠١٤
من أجمل ما قيل في السيّدة العذراء كلام القدّيس يوحنّا الدمشقيّ وهو أنّه إذا أردنا أن نتكلّم عن العذراء فحريّ بنا، بالرغم من الشوق الذي يحدونا، أن نلوذ بالصمت كيلا نزلّ بالكلام. أجل، حين نريد ان نتكلّم عن مريم العذراء تتعطّل لغة الكلام من قوّة جمالها ويضحي الصمت أجمل وأبلغ وأسلم كلام يقال فيها. بالرغم من ذلك لم يُقل كلام في بني البشر بمثل ما قيل في مريم العذراء وبقدر ما قيل. وقد يكون من أروعه "نشيد المدائح".
هكذا نحن البشر حين نكون بإزاء شخص جميل يفوق كلّ توقّعاتنا. بإزاء هذا الجمال نشعر في ذواتنا بضدّين يتنازعنا. نحبّ ونخاف من الحبّ، نريد أن نتكلّم ونخاف من التكلّم، غير أنّنا في الختام نفعل الاثنين معًا، نحبّ ونخاف من الحبّ، نصمت ونتكلّم. إنّه صمت الكلام وكلام الصمت. إنّه شوق المحِبّ يهيج بالصمت تارة وبالكلام تارة. إنّه القلب الذي يخفق حركة وسكونًا. فكيف إذا كان الشخص الجميل الذي بإزائنا مريم العذراء؟
بهذه الطريقة عبّر اللاهوتيّون والروحانيّون عن عاطفتهم للسيّدة العذراء مريم. فحينًا صمتوا عن الحبّ والشوق وحينًا تكلّموا، وفي كلا الحينين كان ما فعلوه جميلاً.
يُطلب هذا الكتاب من المكتبة البولسيّة جونيه، لبنان.
أو من صاحب السيادة المطران جوزيف العبسي الكلّي الاحترام، دمشق، سوريا.