مقام النبي إيليا (مار الياس)
معرّة صيدنايا
الأب باسيليوس جرجس
الموقع الجغرافيّ
إلى الجنوب من بلدة المعرّة بحوالي ٢,٢ كيلو متر، وعلى بعد ٣٢ كيلو متر من مدينة دمشق شمالاً، وعلى الحافة الجنوبيّة لذروة سلسلة جبال القلمون الثانية، يرتفع عن سطح البحر ١٢٠٠ متر، ويشرف على سهل فسيح يشمل دمشق وجبل قاسيون والغوطة. فيجمع هذا المقام بين الروعة والقدم، وبين القداسة والنعمة.
وصف المقام
تمر قبل النـزول إلى المقام بمظلة ضخمة بنيت عام ٢٠٠٩ تستوعب حوالي ٤٠٠ شخص تقام فيها بعض الخدم الروحيّة، ثم تنحدر إلى المقام عبر درجٍ طويل متعرج يتألف من ٢١٢ درجة، ينتهي بك الدرج إلى فسحة صغيرة يكمن في نهايتها البناء ذو الرواق المعقود بثلاثة أقواس واسعة، وخلفها فوق باب المقام نقشٌ حجريّ كُتب فيه ما مفاده أن هذه الكنيسة بُنيت في عهد البطريرك غريغوريوس يوسف الأوّل سنة ١٨٩٧.
يتألف المقام من ثلاثة أقسام:
مغارة طبيعيّة: يتم الوصول إليها بنفق قصير ضيّق منحوت في الصخر. يُفيد التقليد أن مار الياس التجأ إلى هذه المغارة عندما كان هاربًا من اضطهاد إيزابل زوجة ملك السامرة آحاب. فلمّا أوشك جنودهما أن يمسكوه أنزل الله صاعقة اخترقت الجبل من قمته إلى قاع الوادي فكوّنت هوة عميقة طولها ٣٥ متر نجا منها مار الياس وهرب. بقي المكان الذي عاش فيه مار الياس لمئات السنين مقدسًا ومكرمًا على الرغم من أن موقع المغارة خلال تلك السنوات بقي مجهولاً، وفي القرنين الرابع والخامس الميلاديّ ظل المسيحيون ينحتون في الصخر على مقربة من مغارة مار الياس حتّى وجدوها فأصبحت مزارًا ومركزًا لصلواتهم وابتهالاتهم.
المعبد البيزنطيّ: معبد صغير مساحته ٢٠ متر منقور في الصخر ما عدا الحائط الجنوبي المبني في زمن مجهول، يحوي المعبد إيقونسطاس حجري (حامل إيقونات) منحوت بشكل فني وجمالي رائع سنة ١٨٩٩. يوجد في هذا المعبد مذبح قديم وجرنا معمودية أحدهما قديم منحوت في الصخر، والآخر حديث يرتفع على عمود. ويشكل هذا المقام معبدًا متواضعًا أُقيم للعبادة في حقبة كان فيها عدد المصلين قليل وكان يفي بالحاجة.
ويعتبر هذا المعبد من الناحية الأثريّة أهم جزء في المقام، فقد اكتشف فيه رسوم جداريّة قديمة معظمها مطموس المعالم، منها إيقونة سيّدة الظهور، وإيقونة مار الياس صاعدًا بعربته الناريّة إلى السماء، وإيقونة القدّيس نيقولاوس الصانع العجائب، ورسم يمثل ثلاثة أشخاص اثنان مجهولي الهوية والثالث القدّيس أندراوس الكريتيّ. وتبين الدراسات أن هذه الرسوم تعود إلى ما بين القرنين الثالث عشر والخامس عشر.
الكنيسة الرئيسيّة: تقام فيها الخدم الروحيّة والصلوات حاليًا. مساحة الكنيسة ١٤٤ متر، بنيت سنة ١٨٩٧، ورممت للمرّة الأولى سنة ١٩٥٠، ورممت للمرة الثانية سنة ١٩٩٧. الداخل إلى الكنيسة يطالعه سقفٌ معقود بأقواس حجريّة، القسم السفلي من جدرانها صخري أصيل، أما القسم العلوي فمُجدّد. وفي صدر الكنيسة إيقونتا السيّد والسيّدة، ومنقوش على أعمدة الهيكل رموز الإنجيليين الأربعة. والداخل إلى الكنيسة يرى إلى اليمين جرن المعموديّة الحجريّ، أما إلى اليسار فيُرى إيقونة لشفيع المقام تعود لعام ١٩٠١.
وهناك مغاور موجودة حول المقام، وهي طبيعية، لربما تعاقب النسّاك والرهبان وتردّدوا إليها إحياءً لذكرى مرور مار الياس ولملاءمتها لعزلتهم. وقد كانت هذه المغاور ملاذًا للمؤمنين في أيام الاضطهاد إذ كانوا ينـزلون إلى الوادي بواسطة الحبال.
يُحتفل بتذكار مار الياس شفيع المقام في ٢٠ تمّوز من كلّ عام.