الأب ميشيل الخوري
من الهندسة المدنيَّة إلى الخدمة الكهنوتيَّة
الأب ميشيل الخوري من مدينة صيدنايا، وهي بلدة جبليَّة (على جبال القلمون) تقع على بعد ٢٥ كم شمال دمشق.
تعلَّم في مدارس صيدنايا، كانت البداية في مدرسة دير التجلّي بإدارة الراهبات، ويظنّ أنَّ بذرة الإيمان زرعَتْها به الراهبات في تلك المدرسة (هذه المدرسة أُغلِقَت فيما بعد، عندما صادرت الحكومة المدارس الكاثوليكيّة عام ١٩٦٧)، ثمَّ تابع دراسته في مدارس صيدنايا الحكوميَّة، وكان بدراسته في المرحلة الابتدائية يحبّ مادّة الحساب، وثمّ مادّة الرياضيَّات في المرحلتَين الإعداديّة والثانويّة.
بعدما أنهى الثانويّة العامّة، قاده حبّه لمادة الرياضيّات ليدخل كلّيّة الهندسة المدنيّة في جامعة دمشق، وكان مؤمنًا نظريًّا، لكنّه ليس ملتزمًا بممارسة الأسرار في الكنيسة.
في السنوات الأخيرة أثناء دراسته بكلّيّة الهندسة، بدأ يفكِّر مليًّا: بما أنّه مؤمن بالمسيح فيجب أن يمارس ما تطلبه منه الكنيسة، خصوصًا الصلاة والصوم، وقرأ الكتاب المقدّس بقسمَيه: العهد القديم والعهد الجديد، فترسَّخ إيمانه، لأنّه وجد أنَّ ما يقوله العهد القديم عن المسيح الذي سيأتي، ينطبق على المسيح.
وأمام هذا التحوّل بحياته، صمَّمْ على الالتزام بما تطلبه الكنيسة من المؤمنين، وخصوصًا المشاركة بالقدّاس، وبعدها بدأ يشعر بصوت داخليّ يناديه: يجب أنْ يصبح كاهنًا.
واستمرّ هذا الشعور سنواتٍ وسنواتٍ، وتابع قراءة الإنجيل بشكل مكثَّف (فكان يشعر بلذّة فائقة الوصف أثناء قراءته)، بالإضافة إلى قراءة بعض الكتب الروحيّة لكنْ أقلّ بكثير من الإنجيل، وفكَّر أن يصبح كاهنًا متزوِّجًا، ربَّما عزَّز تفكيره حينئذ بهذا الاتّجاه قول بولس الرسول: الزواج أفضل من التحرّق.
بعد إنهاء دراسته أدَّى الخدمة الإلزاميّة (أيلول ١٩٨١ - تشرين الأوّل ١٩٨٣) (بصفة ملازم مهندس) في مؤسّسة الإسكان العسكريّة، وكانت مهمّته أثناءها مهندسًا منفّذًا للثانويّة الصناعيّة في مدينة نوى بحوران، ثمّ عمل بالمشاريع التابعة لسدّ الفرات بين الطبقة (الثورة) والرقّة، ثمَّ عاد إلى مؤسّسة الإسكان العسكريّة في أوائل سنة ١٩٨٥، ليعمل مهندسًا منفّذًا لجمعيّات سكنيّة بمدينة السويداء.
وعندما أدَّى مدّة الالتزام وهي خمس سنوات، كما كان مطلوبًا من كلّ مهندس أن يؤدّيها بالمؤسّسات الحكوميّة، استقال وفتح مكتبًا هندسيًّا خاصًّا بصيدنايا، عمل فيه مهندسًا مصمّمًا ومشرفًا ومنفّذًا للأبنية. كان في عمله بالهندسة يتذكّر أنَّ الله يرى كلَّ شيء، وكلَّ الأعمال التي نعملها، وكان حينئذ مهندسًا مسيحيًّا ملتزمًا، وكان يشعر بلذّة كبيرة عندما يقوم ببعض الأعمال الهندسيّة للكنيسة، ثمَّ طُلِب منه أنْ يكون مهندسًا مشرفًا على مشروع دير مار توما البطريركيّ، الذي يقع على بعد كيلو متر واحد شمال غرب صيدنايا.
قضى سنة ونصف في هذا المشروع. وأثناء وجوده بمشروع مار توما طُلِب منه أن يكون وكيلاً بين مجلس الوكلاء الذي سيُشكَّل حينئذ في صيدنايا فقبل بذلك، (وأُعيد تعيينه به للمرّة الثانية، رغم كونه قد أصبح شمّاسًا وما يزال بلبنان).
وكان يفكِّر بالكهنوت كثيرًا، واستمرّ في قراءته المتواصلة للإنجيل.
ومن خلال عمله بمشروع مار توما، ومراجعاته واجتماعاته مع المطران إيزيدور (الذي كان رئيس اللجنة العليا لمشروع دير مار توما)، تجرّأ وقال له بمكتبه: أريد أن أحدِّثك بشيء خاصّ، فقال له: تفضَّل (قالها فاتحًا صدره لميشيل)، سأله: "ممكن أن أصبح كاهنًا"؟ فقال له: "طبعًا، ولكن أمامك دراسة ستّ سنوات، هل لديك جلادة على الدراسة"؟
لقد كانت كلمته: "عليك بالدراسة ستّ سنوات" مفاجأة بالنسبة لميشيل الذي لم يكن يفكّر أن يعيش بالدير سنوات حتَّى يصبح كاهنًا.
لكنَّه لا يدري ما هو التحوّل الذي حصل له بتلك اللحظة، فأجابه على سؤاله حول الدراسة نعم أدرس.
وبعد فترة أرسله المطران إيزيدور مزوَّدًا بكتاب إلى إكليريكيّة القدّيسة حنّة بالربوة - لبنان، طلب أن يجرِّب لمدّة أسبوع في الإكليريكيّة فإن لم يعجبه الوضع، يعود دون أن يعرف أحد بصيدنايا وخصوصًا أهله والوكلاء أنّه ذهب إلى الدير، وإنْ أعجبه الوضع يعود لينهي مهمّاته بمشروع مار توما، ثمَّ يلتحق بالدير.
وبعد أن جرّب مدّة أسبوع بالإكليركيّة، عاد إلى دمشق إلى عند المطران إيزيدور، وأخبره بقبوله العيش في الإكليريكيّة.
لقد أدّى مجيئه إلى الإكليريكية إلى هزّة كبيرة في أسرته، التي كانت تعارض بشدّة هذا التصرّف، وكذلك في محيطه الاجتماعيّ بصيدنايا، فتعرّض لانتقادات كثيرة، فقيل له "عيب عليك" وآخرون "هذه شغلة يللي مالو شغلة، أمّا أنت مهندس"، وكثيرًا من التعليقات الساخرة والجارحة، ولكن البعض كانوا مع خطوته هذه بالمجيء إلى الدير، أمّا هو فشعر أنّه وجد نفسه.
وعاش بالإكليريكيّة سنوات مع أخوة له بألفة وانسجام، فأحبّهم وشعر بودّ متبادل، لم يكن يتوقّعه.
وبعد سنة بالإكليريكيّة تغيّرت أفكاره، وقرّر أن يكون كاهنًا بتولاً، وبعد أن أمضى سنتَين بالإكليريكيّة رُسِم شمّاسًا إنجيليًّا، بناءً على طلب المطران إيسيذوروس بطيخة في ١٥ أيلول ١٩٩٦، وفي مطلع العام الدراسيّ ١٩٩٧- ١٩٩٨، طُلِب منه أن يكون وكيلاً للإكليريكيّة بالربوة. في البداية رفض (لأنَّه كان يدرس وما يزال لديه تقديم الكثير من الموادّ الفلسفيّة واللاهوتيّة)، ثمّ قَبِل بعد فترة، وبالعام الدراسيّ نفسه تمَّتْ رسامته الكهنوتيَّة في كنيسة آجيا صوفيّا بصيدنايا يوم السبت ٤ نيسان ١٩٩٨(سبت لعازر في تلك السنة). وبعدها شعر أنَّ والدَيه مسرورَين لأنّه أصبح كاهنًا.
الآباء الذين خدموا بالإكليريكيّة أثناء وجوده بها قدس الأرشمندريت متري هاجي أثناسيو، (٣ سنوات) الأب المرحوم يوسف أندراوس (٣ سنوات) ، الأرشمندريت نقولا آنتيبا (لمدّة سنة مطران حوران حاليًّا)، الأب سمير نهرا (لمدّة سنة، حاليَّا أرشمندريت بأبرشيّة صيدا)، الأب أنطون مصلح (لمدّة أقلّ من سنة، حاليَّا أرشمندريت والنائب القضائيّ وكاهن رعيّة بأبرشيّة دمشق البطريركيَّة).
الحياة الكهنوتيّة
خدم في إكليريكيّة القدّيسة حنّة سبع سنوات من العام الدراسيّ ١٩٩٧- ١٩٩٨، إلى العام الدراسيّ ٢٠٠٣- ٢٠٠٤، وأثناء وجوده بالإكليريكيّة خدم في رعيّة القدّيسة حنّة بالربوة التابعة لأبرشيّة بيروت لمدّة سنة ونصف.
الآباء الذين خدم معهم بالإكليريكيّة أثناء وجوده بالإدارة (الإدارة ٢-٤ كهنة) الأرشمندريت فؤاد الصايغ (حاليًّا بالولايات المتّحدة)، الأرشمندريت نقولا آنتيبا، الأب جورج بقعوني (حاليًّا مطران الجليل)، الأب سيمون قسطنطين (حاليًّا بأبرشيّة بيروت)، الأب حنّا داغر (حاليًّا بأبرشيّة بيروت)، الأب حنّا غنيم (حاليًّا بالنمسا).
من أيلول ٢٠٠٤ إلى أيلول ٢٠٠٥، خدم في دمشق في رعيّة سيّدة السلام في حرستا، مع الأب ميشيل طبرة، ومعاون للقيّم العامّ الأب أنطون غليل.
من أيلول ٢٠٠٥ إلى أيلول ٢٠٠٧ خدم للمرّة الثانية في إكليريكيّة القدّيسة حنّة (لبنان) مع الأبوَين سيمون قسطنطين وبسّام شحاتيت (حاليًّا النائب الأسقفي بالأردنّ).
من أيلول ٢٠٠٧ إلى أيلول ٢٠٠٩ خدم في رعيّة كنيسة إبراهيم الخليل - كشكول مع الأب سامي حسني.
من أيلول ٢٠٠٩ إلى أيلول ٢٠١٢ خدم في رعيّة كنيسة إبراهيم الخليل - مساكن برزة، مع مساعدة كهنة رعيّة القدّيس يوسف - الطبّالة (الآباء الياس فرنسيس، إيليا فضول، سلامة سلامة)، وكان مقيمًا فيها لمدّة ثلاث سنوات.
في أيلول ٢٠١٢ عُيِّن وكيلاً داخليًّا للبطريركيّة (قيّم الدار البطريركيّة) في دمشق، بعد أن أبدى رغبته بعدم قبول ذلك لضيق الوقت من أجل ممارسة هذه المهمّة. وأُسنِد له أيضًا مهمّة أمين الصندوق والمحاسبة للبطريركيّة في دمشق. وما يزال كاهن رعيّة كنيسة إبراهيم الخليل - مساكن برزة.
التحصيل العلميّ
إجازة في الهندسة المدنيّة منذ خمسة وثلاثين عامًا.
ماجستير في اللاهوت من معهد القدّيس بولس حريصا - لبنان، ويحضِّر حاليًّا رسالة الدكتوراه في جامعة القدّيس يوسف (الجامعة اليسوعيّة) في بيروت، كلّيّة العلوم الدينيّة.
المهامّ والنشاطات الحاليّة:
كاهن رعيّة القدّيس إبراهيم الخليل - مساكن برزة.
الوكيل الداخليّ للبطريركيّة في دمشق مع أمانة الصندوق والمحاسبة.
نشرة الأحد البطريركيّة في دمشق.
اللجنة الليتُرجيّة والروحيّة للبطريركيّة في دمشق. وعضو اللجنة الليتُرجيّة البطريركيّة.
يتابع على الفيسبوك صفحة الصلوات الطقسيّة في كنيسة الروم الملكيّين الكاثوليك.