عدد الزيارات : 2886
غبطة السيّد البطريرك يوسف العبسيّ الكلّي الطوبى > عظات صاحب الغبطة الكليّ الطوبى 6 نيسان 2016


خادم السلام والفرح والإيمان

رسامة الشمّاس فراس السعد الإنجيليّة

كنيسة مار يوسف بالطبّالة

في ٢٠١٦/٤/٣

 

المطران جوزيف العبسيّ



مقدّمة

في هذا الأحد الأوّل والجديد بعد الفصح تعيّد الكنيسة للقدّيس توما وتتلو على مسامعنا الإنجيل الذي يروي كيف ظهر السيّد المسيح، من بعد قيامته، لتوما وللرسل، وكيف شكّ توما بقيامة يسوع وكيف ثبّته يسوع في الإيمان. ولذلك يسمّى هذا الأحد أحد توما.

عمّا قليل، وفيما نحن نحتفل بهذه الليترجيّا الإلهيّة، سوف نعطي درجة الشمّاسيّة الإنجيليّة لولدنا المحبوب فراس السعد. درجة الشمّاسيّة هي الدرجة الأولى من درجات سرّ الكهنوت المقدّس الكبرى، تليها درجة الكاهن ومن ثمّ درجة رئيس الكهنة. أقامت الكنيسة هذه الدرجة بناء على ما فعل الرسل حين أقاموا سبعة شمامسة لمساعدتهم في الخدمة، ولا سيّما الخدمة المادّيّة في البداية، كما ورد في سفر أعمال الرسل. فالشمّاس هو مساعد الكاهن وشريكه في خدمة الأسرار المقدّسة. ولمّا كان من بين وظائف الشمّاس قراءة الإنجيل المقدّس فقد طغت في كنيستنا تسمية هذه الدرجة درجةَ الشمّاسيّة الإنجيليّة، في حين أنّها تسمّى في سائر الكنائس درجة الشمّاسيّة من دون إضافات.

سوف أحاول أن أجمع في تأمّلنا بين ما ورد في الإنجيل ورسامة الأخ فراس.

٠١- خادم السلام

يقول يوحنّا الإنجيليّ إنّ يسوع وقف في وسط التلاميذ وقال لهم "السلام لكم. كما أنّ الآب أرسلني كذلك أنا أرسلكم". اليوم يقف يسوع في وسط حياتك ويقول لك الكلام نفسه: "السلام لك. كما أنّ الآب أرسلني كذلك أنا أرسلك". اليوم يحمّلك يسوع سلامه إلى الناس أجمعين ويرسلك. أنت منذ هذه اللحظة خادم لسلام المسيح في العالم. لاحظ أنّ يسوع كرّر السلام ثلاث مرّات. لماذا؟ لأنّ هذا السلام ليس تحيّة (مرحبا، صباح الخير، مساء الخير...)، بل هو سلام الله. سلام الله لا يُطرَح كالتحيّة بل يبشَّر به. يقول بولس إنّ يسوع "جاء وبشّر بالسلام" (أف ٦: ١٥)، لأنّ سلام الله هو الله نفسه. "ما أجمل أقدام المبشّرين بالسلام" يقول صاحب المزامير. إن بشّرت بسلام الله تبشّر بالله نفسه.

يحمّلك يسوع اليوم سلامه، لكنّ سلام يسوع ليس كسلام الناس، ليس هدنة أو وقفًا لعدوان أو استراحة لمحارب. إنّه سلام مبنيّ على مصالحة الله للناس. "إنّ الله، يقول بولس، صالحنا مع نفسه بالمسيح وائتمننا على خدمة المصالحة. لأنّ الله هو الذي صالح في المسيح العالمَ مع نفسه ولم يحسب عليهم زلاّتهم وأودعنا كلمة المصالحة. فنحن إذن سفراء المسيح كأنّما يعظ بنا. فنناشدكم أن تصالحوا مع الله" (٢كور ٥: ١٩-٢٠).

اليوم يقيمك يسوع خادمًا لهذه المصالحة ويرسلك. رسالتك، شهادتك، أن تقول للناس تصالحوا مع الله، إنّ الله هو "إله سلام" (روم ١٥: ٣٣)، إله الرحمة، "لا يحسب عليهم زلاّتهم". كن مبشّرًا بالرحمة الإلهيّة التي هي أقوى من كلّ خطيئة. وهل من قبيل الصدفة أم من قبيل العناية الإلهيّة أن تكون رسامتك اليوم في ذكرى الاحتفال بالرحمة الإلهيّة؟

٠٢-   خادم الفرح

يتابع يوحنّا في إنجيل اليوم ويقول "إنّ التلاميذ فرحوا إذ أبصروا الربّ"، لأنّه لم يكن ليخطر ببالهم أنّهم سوف يبصرونه من جديد بعد موته ودفنه. فرحوا لأنّ يسوع الذي كان فرحهم رجَع إليهم. أنت اليوم هنا لأنّك أبصرت الربّ يسوع، لأنّك جعلت فرحك في يسوع، لأنّك جعلت من يسوع فرحًا لك، لأنّك جعلت يسوع منية حياتك. يسوع هو فرحك وإنجيله كتاب هذا الفرح. اليوم يقيمك يسوع خادمًا للفرح، يحمّلك فرحه إلى الناس، الفرح الذي لا يستطيع أحد أو شيء أن ينتزعه منك لأنّه فرح الله، فرحٌ ليس مبنيًّا على ملذّات عابرة، ولا على نجاحات بشريّة، ولا على ممتلكات زائلة، بل نابع من الله.

فلا تكن مكرَّسًا حزينًا، عابسًا أو منقبضًا، منزعجًا أو متأفّفًا. إنّ الذي يبصر يسوع يمتلئ نورًا وحياة وجمالاً وابتسامًا. الناس في حاجة إلى ابتسامتك. إن لم تكن أنت فرحًا فلن يجد فرح يسوع سبيلاً إلى قلوب الناس. انقلب خوف الرسل إلى فرح حين أبصروا يسوع، ورسالتك أن تقلب خوف الناس إلى فرح. إن لم نبلغ نحن إلى الفرح فنحن لسنا تعيش الإنجيل لأنّه إنجيل الفرح، ونحن لسنا من أصدقاء يسوع الذين يبصرونه ويتأمّلونه كلّ يوم.

٠٣- خادم الإيمان

   يخاطب القدّيس بولس أهل رومة، يقول: "وليؤتكم إله الرجاء ملء الفرح والسلام في الإيمان" (روم ١٥: ١٣). الفرح والسلام اللذان تكلّمنا عنهما واهيان إن لم يكونا مبنيّين على الإيمان. الإيمان أساس كلّ شيء. والإيمان نعمة من الله تعالى. في كلّ واحد منّا توما. كلّ واحد منّا معرّض للشكّ، للنكوص، للتعب، للوهن. 

   في حياتك سوف تلاقي صعوبات ومشاكل وهمومًا ومتاعب وضيقات وما إلى ذلك. قد يضعف إيمانك من جرّائها ويجرّك الضعف إلى الشكّ. سلاحنا الوحيد هو الصلاة. "لقد صلّيتُ من أجلك لكي لا يضعف إيمانك"، قال يسوع لبطرس. وهذه الصلاة أنقذت بطرس بعد إنكاره يسوع. "صلّوا لئلاّ تقعوا في التجربة"، قال يسوع لتلاميذه أيضًا، وهذه الصلاة أعادتهم إليه بعد هروبهم. في ساعات العتمة تذكّر قول يسوع لتوما: "لا تكن غير مؤمن بل مؤمنًا"، وعليك بالصلاة، ولتكن صلاتك صلاة توما: "ربّي وإلهي". عندئذ كن على يقين أنّ يسوع يعضد إيمانك كما عضد إيمان توما ويصيّرك خادمًا ورسولاً لهذا الإيمان كما صيّر توما.

  عالم اليوم يضعف فيه الإيمان وفي بعض الأحيان حتّى التلاشي لأسباب متنوّعة. في بلدنا سورية يضعف الإيمان حتّى ليكاد يتلاشى أيضًا عند البعض من جرّاء ما يحصل. الناس في حاجة إلى من يعضد إيمانهم. كن خادمًا لإيمانهم، بسيرة لا عيب فيها وخدمة من غير مشتكى.

  خادم للسلام، خادم للفرح، خادم للإيمان: حافظ على هذه النعمة.

تهنئة وشكر

 نشكر كلّ من أسهم من قريب أو بعيد في جعلك تبلغ إلى هذه الساعة المقدّسة، ولا سيّما أهلك والذين ربّوك  وعلّموك وتعبوا عليك وخاصّة الأبوين إيليّا وسلامة الخادمين في هذه الرعيّة. وباسم أبرشيّة دمشق كلّها، باسم غبطة أبينا السيّد البطريرك، وباسم إخوتك الكهنة والشمامسة والرعايا التي خدمتَ فيها، وباسم رعيّة القدّيس يوسف وباسم الحاضرين جميعًا، وباسمي الشخصيّ، نهنّئك في نيلك درجة الشمّاسيّة الإنجيليّة ونهنّىء أبرشيّتنا وذويك وأنفسنا والجميع. ونسأل جميعنا الربّ يسوع أن يرسل على الدوام عملة إلى الحصاد لأنّه كثير، راجين بإلحاح من الأهل أن لا ينسوا أنّ الكنيسة لا تكون كذلك من دون سرّ الكهنوت، فيهيّئوا لها البعض من أولادهم ويشجّعوهم على اتّباع يسوع في هذه الطريق.

        وفي الختام نرفع جميعنا الشكر إلى الله، "وهو الذي "(أعطى) بعضًا [أن يكونوا] رسلاً، وبعضًا أنبياء، وبعضًا مبشّرين، وبعضًا رعاة ومعلّمين، منظّمًا هكذا القدّيسين لأجل عمل الخدمة في سبيل بنيان جسد المسيح، إلى أن ننتهي جميعنا إلى الوحدة في الإيمان وفي معرفة ابن الله، إلى [حالة] (الإنسان) البالغ، إلى ملء اكتمال المسيح" (أف ٤: ١١-١٣). آمين.

 

تابع أيضاً

رح نرجع نعمرها

صاحب الغبطة وصاحب السيادة يحتفلان بالقداس الإلهي في كنيسة القدّيس ....

10 تشرين ثاني 2020
عيد القدّيسة صوفيا وبناتها إيمان ورجاء ومحبّة

صاحب الغبطة يحتفل بعيد القدّيسة ....

17 أيلول 2020
عيد الصليب المقدّس

صاحب الغبطة يحتفل بعيد الصليب المقدّس في بلدة معلولا - ريف ....

14 أيلول 2020
ميلاد السيّدة العذراء

صاحب الغبطة يحتفل بعيد ميلاد السيّدة العذراء في كاتدرائيّة ....

8 أيلول 2020
عيد رُقاد وانتقال السيّدة العذراء

صاحب الغبطة وصاحب السيادة والكهنة يحتفلون بعيد ....

15 آب 2020
نداء

صاحب الغبطة يوجّه نداء عالمي لدعم أهل بيروت عقب تفجير مرفأ بيروت

12 آب 2020
يوم افتقاد

صاحب الغبطة يتفقّد المتضرّرين من جراء كارثة مرفأ بيروت

8 آب 2020
عيد التجلّي

صاحب الغبطة وصاحب السيادة يحتفلان بقدّاس عيد تجلّي الرب في كاتدرائيّة ....

6 آب 2020
يا والدة الإله الفائقة القداسة خلصينا

صاحب الغبطة وصاحب السيادة يحتفلان بالقدّاس ....

2 آب 2020


تابعونا على مواقع التواصل الأجتماعي

© 2024 -بطريركية الروم الملكيين الكاثوليك